|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
|
|
ضمن منشورات مجلس الثقافة العام ( مجلس تنمية الإبداع الثقافي – سابقا لعام 2004 ) كتاب موسوعي ضخم للأديب القدير الأستاذ الدكتور وهبي أحمد عقيلة البوري بعنوان: بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي. ومنه سوف نركز علي وضع الثقافة الليبية في بنغازي زمن ذلك الاحتلال الإيطالي ولتكن البداية من مكتبة الكفرة وما تعرضت له من سلب ونهب وتدمير. ففي يوم 31 .7 . 1930 وتمهيدا لغزو واحتلال واحة الكفرة. قامت الطائرات الإيطالية بمهاجمة واحة تازربو وألقت عليها (21) قنبلة معبأة بالغازات السامة زنة الواحدة منها (21) كيلو غراما بالإضافة إلي (784) كيلو غراما من المتفجرات الأخري وأحدثت الغازات والقنابل خسائر في الأرواح وتشويها في الأجسام. وفي الكفرة التي جري احتلالها بصعوبة عبث الجنود الإيطاليون بمكتبتها التي كانت منارة علم ومعرفة في قلب الصحراء، واستعملوا مخطوطاتها القيمة وقودا لطهي طعامهم، وكانت هذه المكتبة العظيمة تضم عشرات الآلاف من المخطوطات والكتب التي ألقوا بها علي الأرض وداسوها بأقدامهم فيما نهب الجنود والضباط الكتب الفريدة والنفيسة منها وعادوا بها إلي بنغازي لعرضها للبيع وقد هب المقتدرون من الناس إلي شراء البعض منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أيدي الجنود والاحتفاظ بها في مكتباتهم الأدبية الخاصة. كما تدخل بعض المقربين من الحكومة وطلبوا صون هذه الكتب القيمة فتحركت أخيرا الحكومة الإيطالية وأمرت بجمع ما تبقي منها في الكفرة وقدرت بخمسة آلاف مجلد أُحضرت إلي بنغازي وأودعت في أحد المخازن وقد تقدم بعض الأعيان بطلب إعطاء هذه الكتب إلي إدارة الأوقاف لتعتني بها وتحفظها إلا أن الطلب قد رُفض لأن الحكومة الإيطالية كانت عازمة علي إرسالها إلي إيطاليا، غير أن نشوب الحرب الأوربية الثانية قد حال دون ذلك فيما طالت نيران هذه الحرب مخازن الكتب وقضت عليها تمامًا. وعلي صعيد آخر لم تغير إيطاليا طيلة فترة استعمارها سياستها الثقافية والتعليمية أو عدلتها إلي الأفضل. فقد ظل التعليم الخاص بالعرب مقتصرا علي المرحلة الابتدائية وثلاث سنوات أخري بمدرسة الصنائع، ولم يكن سهلا علي الناس إلحاق أبنائهم بمدارس خارجية باستثناء قلة من المقتدرين، ومع ذلك فإن( ليبيا – الأمس ) كجزء من الوطن العربي لم تقطع صلتها بلغتها وتراثها رغم المتغيرات السياسية والاجتماعية التي عرفتها المنطقة عبر القرون. فقد وجدت إيطاليا مدارس وصحف ومعاهد دينية، كما وجدت نخبة من العلماء والمثقفين حافظوا علي التراث العربي رغم ما مرت به البلاد من أحداث ومتغيرات. وعندما سألت الدكتور وهبي البوري عن الجيل الذي ولد وترعرع زمن ذاك الاحتلال الإيطالي الكريه ؟ أوضح لي بأن ذلك الجيل قد تعرض لطغيان وهيمنة الثقافة الإيطالية التي استهوته في البداية غير أنه من جهة أخري لم يتنازل عن هويته الوطنية والقومية وأضاف الدكتور وهبي أحمد البوري يقول: في اعتقادنا أن عدة عوامل قد ساهمت في بعث الثقافة الليبية والاهتمام بها بمدينة بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي. (1)- دور الصحف والمجلات المصرية التي كانت تصل بنغازي بصورة غير منتظمة والتي أقبلت عليها الطبقة المتعلمة وخاصة الشباب مثل مجلات ( الرسالة – الهلال – أبوللو ) التي كان يكتب بها عمالقة الأدب العربي وكانوا ( أي الشباب الليبي ) يناقشون مقالاتها في جلساتهم وسهراتهم وكان تأثيرها عليهم عظيما . (2)- الرغبة في العودة إلي الأصل والتمسك بالتراث في وجه الغزو الثقافي الإيطالي وسياسة التمييز العنصري. (3)- صدور مجلة ( ليبيا المصورة ) في أواخر عام 1935 التي أرادها المستعمر بوقا للدعايةلتحقيق أغراضه، فتحولت تدريجيا إلي مجلة عربية حافلة بالشعر والمقالات الأدبية والتاريخية والقصة الليبية، ووجد المثقفون فيها الوسيلة لنقل أشعارهم وأفكارهم إلي غيرهم منالمواطنين، وساهم فيها الكثير من الكتاب من طرابلس ودرنة وغيرهم من البلاد العربية. (4)- وجود أحمد رفيق المهدوي في بنغازي الذي شكل قاعدة أساسية في بناء النهضة الثقافية الحديثة في ليبيا، وقد بدأ دوره في هذا المجال عندما كان لا يزال في مقتبل العمر. وكانت قهوة البحر ( قهوة الشاطئ ) الواقعة في آخر شارع عصمان ملتقي الشعراء الناشئين ومحبي الأدب وكانت المكان المفضل الذي يقضي فيه رفيق جلساته مع أصدقائه والذي شهد مولد الكثير من قصائده الشهيرة. وكانت الحركة الفكرية والأدبية في مدينة بنغازي نشطة وحوية في مواجهة الغزو الثقافي الإيطالي الجارف وفي جو سياسي معادي للغة العربية وآدابها وفي غياب جميع الوسائل أو التنظيمات التي تشجع علي نمو نهضة عربية تحافظ علي اللغة والتراث العربي، وذلك في وقت كانت تتوفر فيه كافة الأسباب لنشر وتعميم الثقافة الإيطالية لمن أراد ذلك. ولم تعرف بنغازي لا في العهد التركي المظلم أو في العهد الإيطالي الدموي أية مكتبة عامة يستطيع الباحثون والمثقفون الرجوع إليها عند الحاجة، في حين أنشأت الحكومة مكتبة إيطالية تضم عشرين ألف مجلد ، ومكتبة للآثار تضم أيضا عشرين ألف مجلد بالإضافة إلي مكتبات البلدية والزراعة وغيرها، ولم يعملوا علي تأسيس أية مكتبة عربية في بنغازي. غير أن بعض المثقفين ورجال العلم كانت لديهم مكتباتهم المنزلية الخاصة والتي تتفاوت في محتوياتها من مثقف لآخر، إلا أنها كانت توفر للباحث القليل مما كان يتطلع إليه. وكانت المكتبة الوحيدة في بنغازي لبيع الكتب والصحف هي مكتبة ( محمد علي بوقعيقيص ) الواقعة في ميدان الحدادة ما بين سوق الجريد وسوق الظلام وكانت تلك المكتبة التي عرفت فيما بعد باسم ( المكتبة الوطنية ) أشبه بمركز ثقافي يقصده المثقفون لشراء حاجتهم من الكتب والمجلات وللقاء زملائهم وأصدقائهم وكان السيد محمد علي بوقعقيص يبذل جهدا وتضحيات جليلة ليوفر للمدينة ما أمكنه من مطبوعات عربية. ولا يفوتنا هنا ونحن بصدد الحديث عن الثقافة الليبية في بنغازي أن نذكر بكل فخر واعتزاز الأدباء الأوائل من الذين كونوا هذا الجيل فكريا وعلموه وزرعوا فيه روح التمسك باللغة والثقافة العربية وكان عطاؤهم لا حدود له وهم: الشيخ السنوسي المرتضي – الأستاذ مصطفي دريزة – باكير بادي – علي الشركسي – حسين أشرف – حسني فوزي الأمير – مصطفي الطياش – حسين فليلفه – محمد عباس ومن جيل الشباب وهبي أحمد عقيله البوري – محمود مخلوف – حسن عبيدة – وغيرهم من الذين أسهموا في إثراء الثقافة الليبية في بنغازي زمن الاحتلال الإيطالي البغيض .
|
خلاصة السيرة الذاكية |
|
|
|
(1)-
ولد الدكتور ( وهبي أحمد عقيله البوري ) بمدينة الإسكندرية في 23 . 1
.1916 بعد أن هاجرت عائلته إليها
عقب الغزو الإيطالي .ثم عادت إلي بنغازي عام 1920
ليلتحق بمدرسة الفنون والصنائع ببنغازي وتحصل علي الشهادة
الإعدادية. |
(2)- التحق وهبي البوري بالمدرسة الإيطالية بالإسكندرية بقسمها المتوسط ، ومنعته سلطات الاحتلال الإيطالي عام 1931 من العودة إلي مصر لاستكمال دراسته. وفي عام 1946 عاد من أوربا إليالقاهرة ليعمل مع الهيئة العربية العليا لفلسطين والتحق بمكتب الأنباء الفلسطيتي الذي كان يزود الصحف العربية والدولية بأنباء فلسطين العسكرية والسياسية ، وكانت قضية فلسطين في ذروتها آنذاك ، وفي عام 1947 عاد إلي أرض الوطن ليقيم في مدينة بنغازي بشكل دائم. (3)- ذهب إلي طنجة لتدريس اللغة العربية بالمدرسة الثانوية الإيطالية ، وفي عام 1940 سجل اسمه في جامعة : نابولي الشرقية ، وتخرج منها عام 1943 حيث تحصل علي ماجستير في الدراسات الأفريقية من جامعة : سان جونس بنيويورك عام 1968. |
|
(4)- عمل مستشارا بسفارة ليبيا بالقاهرة عام 1953
ومندوبا لدي الجامعة العربية ، كما عين وكيلا لوزارة الخارجية
عام 1956 ووزيرا للخارجية عام 1957، ووزيرا للبترول عام 1960، ومندوبا
بالأمم المتحدة عام 1963 وفي عام 1979 عين مستشارا للعلاقات
الدولية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول بالكويت حتى عام
1986. |
المؤلفات والتراجم بدأت علاقته بالقصة القصيرة عام 1936 عندما نشرت له مجلة ( ليبيا المصورة ) أولي قصصه وعنوانها ( ليلة الزفاف ) وتعتبر برأي مؤرخي ونقاد القصة القصيرة في ليبيا أول قصة ليبية متكاملة فنيا في الأدب الليبي المعاصر. أولا المؤلفات
(1)- البترول والعلاقات العربية الأفريقية ( ترجم إلي
الأفرنسية والإنكليزية ) ثانيا التراجم
(1)- الحرب الليبية – مترجم عن الإيطالية
|
|
المستشار
الفني
|
جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة كراسي www.kraassi.com ولا يسمح بنقل أي جزء من نصوص وصور وموسيقي هذه المجلة والمنشورات الصادرة عنها إلا بإذن كتابي من الفنان فتحي العريبي ، فيما عدا حالات الاقتباس القصيرة بغرض النقد أو التحليل وفقا للقواعد التي تفرضها الأصول العلمية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |