تشكيلية - أدبية
غير مرتبطة بمواعيد تحديث ثابتة
 

العدد
التاسع
عشر
01 أكتوبر 2006
السنة الثانية
 

رئيس التحرير : فتحي العريبي


 


كرسي
في آيوا
حلم بالوطن
A chair in Iowa   
A dream of home
بقلم وعدسة : ليلي النيهوم
neihoum@yahoo.com


 

 


 


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله

لتكرار الأغنية من جديد يرجي الضغط علي مفتاح
F5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثمة كرسي باغتني , أوقف خطاي المتمهلة على أوراق شجرة القيقب الحمراء المتساقطة التي تفرش الممر و استكتبني لكراسي العش , الوقت خريف وألوان الأشجار في جامعة Iowa تخلب لب ذائقة الرسم والتصوير الفوتوغرافي.



 

حسنٌ !!
هنا يحلو الرسم والكتابة والتصوير أيضا
  .

فكرت ورددت : هنا أيضا يحلو تذوق حلاوة الوطن والتمعن في مدي التعلق بالأهل . كأنك تشرف عليهم من بُعد بيني فتراهم بجلاء لأنك تحتاج أن تراهم وتحتاج أن تحبهم أكثر . وكنت ماضية هكذا أفكر فيهما  أهلي والوطن. أدندن بأغنية أحبها و لا أمل أبدا من التأمل فيها والإعجاب ببلاغة قائلها :

نسلم على من يسلم عليا
تلاتين مية
وعلي عد موج البحر بالوقية

 لا اعرف مثقال الأوقية تماما ولكن يقال انها تساوي  323 غراما , فتخيلوا " قد البحر وحجم السلام وقدر الغلا  !" اضافة الى الثلاثين مائة .
 


 

امشي متثاقلة علي لوحة الألوان الساحرة التي تفرش الطرقات  من Shambaugh house إلى Iowa House Hotel  حيث أقيم رفقة زملائي وزميلاتي الكتاب العالميين ببرنامج الكتابة العالمي بجامعة آيوا.

كنت اتقي برد الخريف الذي يتسلل خجولا بين نوبات الحر, وادرأ عن قلبي ضعف لحظتي هذه , وكنت اردد أيضا :

 وطني ذكرتك والدموع نوازل

 تغيير في صلب القصيدة يبرره حنيني .
كنت أفكر في مكاني الشاغر هناك حيث كرسيي في ( دار المقعد)  في بيت أبي الحبيب العامر, حيث الكراسي الوثيرة والقلوب الأثيرة .

أفكر في (جناننا) الصغير المكدس بنباتات وزهور أمي الغالية المتنوعة حيث يحلو لي الجلوس علي الكرسي الخشبي الذي طاله القدم وعتقته شمس وملوحة هواء قاريونس البحري في مساء أول الخريف ارقب زهور صبار الليل تتفتح في غفلة عن الجميع , زهور لليلة واحدة فقط , فخمة وبهية وحيية لا مثيل لها في الزهور تسكت عن الحسن المباح قبل قدوم الصباح.
 

 
 

كنت افكر وعقلي هناك و بي شغف للحظة (تُبحر ) في قاريونس .
 


 

 حين تغزو المكان رائحة البحر  ودرجات زرقة البحر واحتمالات البحر الذي اعشق
 


 

وكنت دائما اتحرق لسماع من يقول لقـــد ( أبحرت) فيغزو النسيم البحري الاتي من "قراجيم الحوت " الغرف يطرد وطأة الرطوبة ولزوجة الحر, فتنفرج الاسارير  ليصبح الجلوس في الجنان متعة ممكنة . وتفوح رائحة " الشاهي والكاكاوية  "  ويعلو صخب الأحفاد وتمتد هدرزة الاهل الى ساعات متأخرة في الليل.

وليس ثمة بحر هنا .أنا في وسط الغرب الأمريكي. وسط الشساعة ,وسط حقول الذرة وفول الصويا . يذكرني المكان بالمرج والطريق اليها في منفسحات وانبساطات الجبل الأخضر حيث حقول القمح والشعير. وكنت قلت ذلك فخرجت صحيفة محلية بمانشيت عريض يقول : كاتبة ليبية تقول : تذكرني أيوا بالوطن , درجة ضؤ الصباح ورائحة المكان وسكينته والدعة التي يحلها في النفس وكأني في الطريق من بنغازي شرقا الى سهلها والجبل بفارق طراز البيوت ونوع الغلال.
 


 

بيد أن نهر  Iowa river يمر جوار (Iowa House Hotel  ) ويشق الجامعة , أحيانا اعبر احد الجسور الحديدية التي تمر فوقه أو أخر وصولا لبعض الكليات والمعارض والمسرح الجامعي وورش الفنون المتنوعة لمتابعة المناشط الثقافية المتنوعة في المدينة التي تعتبر جنة الكتاب ومؤئلهم.
 


 

ويحلو لي أن اجلس على كرسي ضفة نهر آيوا أتأمل المكان والإوزات المتثاقلات, تنتظر بشغف أن ارمي لهن فتات الخبز والبسكويت .


 

أو اترك أشيائي على الكرسي لأمشي حافية على ضفة النهر المشبعة بالماء بحثا عن بقعة جافة لأقرأ كتابا عن لوركا , فتأتيني  ثرثرة أمينة وأيدي وثيدا وويندي ومانجو الجالسات على كراسي النهر قربي يستمتعن بغذاء خفيف , وارى بطرف عيني محاولات – منى - القفز في النهر فيما تصرخ بها ماري من شباك غرفة نادية  المطل على النهر أن توقفي لا تقفزي .
 

 
 

أو استمع إلى عازفي القرب الاسكتلندية يتدربون في العشيات , يطلقون حنينهم الشجي عبر امتداد النهر, ابحث هنا عن تماس أو تناص مع الوطن . عن رائحة بحر أو لون سماء أو نوع أشجار, أو عبق أزهار.
 


 

أنا عندي حنين ..
فعلا لم تغنيها فيروز عبثا
!

وكان التفكير يمضي بي بين محطات حياتي , انتقل بينها , وانتقل بيني , عساني اقترب , وعساني اجلب ليبياي بجلالها .

وهاأنذا , في الأمكنة وفي صيرورة الترحال احلم بالمكان الوحيد الذي تهفو إليه الروح ولو جلت المعمورة .

بنغازي أيتها الحبيبة القريبة البعيدة , اشتقت إليك ( واااااجد )

 


 

لحظتها رأيتني وما رأيتكم أحسست غيابكم عن هنا كما كنت أحسست غيابي عن هناك, رأيت غيابكم ( مكفيا )عن جواري, ورأيت غيابي (مكفيا) عن جواركم , رأيت هذا في الكرسي الذي لفت نظري في حديقة احد البيوت التي يقطنها طلبة الجامعة, تطفلت , دخلت الحديقة, وتأملته , قلت له أنت تقولني, تقول ما عجزت كلماتي عن سبره , فهذا الوسادة (المنكفئة) غيابهم عن هذا المكان , مثلها وسادتي

( مكفية ) هناك , غير أن وسادتهم في قلبي تحفل بهم , ولا ( تنكفي ) , ولا تخلو منهم , ولن تخلو منهم .
 


 

والتقطتك أيها الكرسي بعدستي في أمسية خريفية , مشيت فيها على إيقاع قلبي , ونبض بلادي , وعلي خشخشة ورق الشجر المشتعل لونيا تحت قدمي .



 Iowa University
Fall 2005
- Iowa City
Benghazi – 2006
 
© Photo credit : Laila Neihoum
الصور عدسة : ليلى النيهوم - مشاهد من أيوا ومن قاريونس –  بنغازي . ليبيا ©




 


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس العدد التاسع عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرشيف المجلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصفحة الرئيسية  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



التعريف بالمجلة
 وشروط النشر
 علي صفحاتها




^ ^ الانتقال إلي أعلي الصفحة ^ ^



المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي كراسي