|
العدد |
رئيس التحرير : فتحي العريبي |
|
|
|
|
|
عندما تترك ( الكرسي ) لسبب أو لآخر - وخصوصًا لآخر ، فأعلم أنك وقد سُلبت الكرسي بين خيارين : إما أن تبقى واقفًا بانتظار كرسي آخر ، أو أن تجلس على الأرض مؤمنًا بقانون الجاذبية الأرضية ، فالذين يتركون الكرسي - أو يُتركونه - إما يتركون معه ذكرى أو لا يتركون . الذين لا تبقى لهم أي ذكرى لدى الناس فهم أولئك الذين لا يعرف الناس ماذا عملوا ؟ وماذا لم يعملوا ، ماذا أنجزوا وفيما أخفقوا ؟ ماذا أصابوا وماذا أخطئوا ؟ هم الذين مروا كيوم لا ريح فيه ولا رياح . وأما الصنف الثاني من ( الكرائسيين ) فهم الذين تركوا ذكرى عند الناس ، يتذاكر الناس بعضها بين الحين والآخر فينقمون على الزلازل الأرضية التي تسقط الأخضر واليابس ، ويتذكر الناس بعضها الآخر فيشكرون الجاذبية الأرضية التي لا تسقط إلا التفاح الفاسد . إذًا فأيهما خير للإنسان : أن يترك الكرسي دون ذكرى تلوكها ألسنة الناس خيرًا أو شرًا، أو يتركه بذكرى لا يدري أتكون مضيئة أم مظلمة . الذين يغادرون بدون ذكرى ، فينساهم الناس حتى قبل أن يجف العرق الذي تركوه على الكرسي ، يزعمون أنهم لا تهمهم آراء الناس وقناعاتهم وأنهم كانوا يعملون لله ومن أجل مبادئهم والتزاماتهم فقط، وينسى أو يتناسى هؤلاء أن : الناس شهود الله على أرضه . لكن هذا الاستشهاد الأخير لا يبرر العمل كله من أجل كسب رضا الناس ومداهنتهم على حساب الأنظمة والعدالة والإنجاز . حسنًا.. لأولئك الذين يظنون أنهم تركوا ( ذكرى ) ما بعد الكرسي ، ويريدون فحصها إن كانت مضيئة أو مظلمة ، فليفحصوها في وجوه الناس عندما يصادفونهم في المجالس العامة ، أو في عدد من يتشافى لهم عندما يمرضون ، أو في عدد من يحضر أفراحهم وأتراحهم ، ويطرقون بيوتهم دونما سبب سوى الذكرى الطيبة .
محبة الناس الحقيقية هي التي تمتلكها قبل المنصب وأثناء المنصب ، وحتى بعد المنصب ، إذا لم يكن الأمر لك كذلك فأعد حساباتك في الكرسي القادم .
|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |