تشكيلية - أدبية
غير مرتبطة بمواعيد تحديث ثابتة
 

العدد
الثالث عشر
20 أبريل 2006
السنة الثانية

رئيس التحرير : فتحي العريبي


 


الكراسي تجلس أيضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرج أبوشينة
f_aboshina@yahoo.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 




لم نخلق لوطأة المؤخرات
كرسي مجهول

المكان

مقهى عتيق ، يقع في قلب مدينة موبوءة بالضجر ، في شارع ضيق ،  له ( والكلام يعود على المقهى ) سقف شبه مهترى ، وحوائط تعجّ بصور لأبطال ومشاهير تجاوزتهم المرحلة ، وله أرضية   شاحبة كوجه الغدر ، تميل في لونها إلي الحُمرة الخافتة من كثر ما عبثت  بها الأقدام .

الزمان – بعد منتصف الليل

التفّت الكراسي في حلقة صغيرة ، وقبل أن تُشحن النفوس  وتدور الكؤوس اعتدلتْ الطاولة التي بينهم ، وخطبت فيهم : أنا السّفين هنا وأنا ربانه الجدير علي ظهري رميتم أثقالكم وما تحملونه من ذكريات فليبحر كلّ منكم صوب جهته ولا يتشبث  بغير الحقيقة .

حينئذ تهامست الكراسي فيما بينها ، ثم انفرط عقد الكلام



الكرسي الأولي

ما أحوجني إلى ذاكرة احملُ في طياتها شتات العمر صحيح أنا عجوز دهسته عجلة الزمن مراراً لنّي يا سادة صاحبُ أمسٍ ولي في الحماسة ما أقول هاكم قصتي :

" ولدتُ في ورشة عريقة علي يدٍ مهشمة الأصابع في يوم تولول فيه الريح بعد أسبوعين فقط صرتُ بضاعة فاخرة في معرض مرموق ( سوق النخاسة ) كما أحب أن اسميه وفي صباح رائق جاءت عجوز تبدو عليها الوداعة تحمل في يدها كتاباً علي غلافه كرسي مقلوب اجل كان الغلاف كرسياً مقلوباً تحثه قطة ( إن لم تخونني الذاكرة ) تغط في نوم عميق ظلّت هذه العجوز تحوم حولي مثل فكرة تارة تتحسس عظامي المتهالكة وتارة أخرى تنهال عليّ بكامل قواها لكم تمنيتُ أن أكون من نصيبها لمَ في قلبها من حبور وفعلاً ذلك ما حدث في شقتها المكتظة بالكتب والجرائد والمكابدات وضعتني إلى طاولة ينظح وجهها بالحزن علي سطحها المهمل أوراق حديثة الكتابة وشخوص يتهافت وننحو مصائر مجهولة سمعتها تهمس وهي تستعمرني للمرّة الأولى متي افرغ من هذه الرواية ؟ وحين صدرت الرواية وتنهدت اليد ! قررت العجوز الميسورة الحال أن تستبدل عفشها القديم بآخر يليق بكاتبة عظيمة فتسلل الخوف إلى أوصالي وقلت في نفسي لقد حانت ساعة الصفر غداّ أصبح حطاما علي هامش ما أو لقمة في فم مدفأة في الصباح الحائر جاء المشترى ومعه السمسار تفحصا العفش جيداّ وتمت الصفقة ّ دونما مراوغة برفق ٍ ملحوظ وضعوا العفش في الشاحنة وحين همّ العامل بنقلي إلى الشاحنة صرختْ العجوز لا .. لا تقربوا هذا الكرسي إنه حفيدي !! ذاكرتي التي اركن إليها ساعة الضيق حينئذ تسللت البهجة إلى نفسي وقلت ها أنا ذا أولد من جديد فمرحباً بكِ يا نفسي سمعتها أيضا تقول للسمسار وهو يمنحها ثمن العفش لن يفصل بيني وبينه سوى الموت وفعلاً ذلك ما حدث صدقوني كان خبر وفاتها كوقع صاعقة علي الرأس رحلتُ في غيبوبة لم استيقظ بعدها إلا وأنا هنا بينكم في هذا المقهى المقبرة ".

في هذه الأثناء تعالى شخير الكرسي المخبول



الكرسي الثاني

ما أحوجكَ إلى ذاكرة وما أحوجني إلى نسبٍ هكذا حضرات الكراسي وجدت نفسي دونما اسم  أو كنية بعضهم قال انه من عائلة مرموقة  يقال لها – الزان . والبعض الآخر اجزم علي أنني  ................. سامحهم الله المهم حي أفقت من نومي ( وهذا  المهم ) إذا بي في حوزة رجل يركن سيارته علي جنب ويقرر أن ينقدني من هول الطريق ( من القي بي في هذا العراء الموحش  وماذا فعلت حتى اسلبُ من حلمي ؟ )فيبيته ا ل م ك ت ظ حلّق الأطفال من حولي في صخب عارم  كأنهم لم يشاهدوا كرسيا من قبل فتعالي الخصام والشجار حول من يحظى بهذه الغنيمة الخشبية الطارئة وبكل آسى كنتُ الفريسة ومازلت.

في هذه الأثناء يتعالى شخير الكرسي الأحدب



الكرسي الثالث

ما أحوجكما إلى ذاكرة إلى نسب وما أحوجني إلى أم عشتُ يتيما في مخزن معتم تنهشه الرطوبة بنهم فذ اجل ماتت عائلتي في حادث سير مازلت اذكر ذلك اليوم الأسود  كان المطر  يهطل بغزارة وكان سائق الشاحنة المكلّف بنقلنا إلى المالك الجديد يترنح من شدة السّكر أو من  شدة الإعياء لا أريد أن اظلم الرجل ولكنه كان علي قدر كبير من التهور انقلبتالشاحنة في  جوف الوادي فتحول السائق إلى جثة هامدة فيما عائلتي المنكوبة إلى  حطام وفير في ذمة أحد  الرعاة أما أنا اليتيم الحزين المقهور النفس فبينكم الآن  .

في هذه الأثناء تعالي شخير الكرسي الأرعن



الكرسي الرابع

ما أحوجكم إلى ذاكرة إلى نسب إلى أم وما أحوجني إلى مطرقة أين أنا الآن هل أنا بينكم بدم  ولحم لا اعتقد لا اعتقد ظهري المنهك كتفي الرائجة قدماي المتورمتان  كأني بها جزراً  آخذة في التباعد  فمي المشدوه لساني الناشف حواسي المعطوبة هي الآن خارج طوعي هل تسمعون  ما   اسمعه ؟ هل ترون ما أراه ثمّة ريح مجنونة تعبرني الآن ثمّة جيشٌ لا هوية له يستقرّ بدمي  صدقوني لم اعد احلم بشيء سوى : بضعة مسامير وبعض طلاء ويد رحيمة تبرم معاهدة صلح بين أعضائي ا ل م ت ا ح ن ة .

في هذه الأثناء تعالى شخير الكرسي الأحمق

الكرسي الخامس

ما أحوجكم إلى ذاكرة إلى نسب إلى أم إلى مطرقة وما أحوجني إلى اشتعال قد تربككم قصتي أو تغويكم مرّة بعد عشاءٍ فخم وسهرة فادحة في أحد الفنادق ا ل د ن ي ئ ة ( معذرة علي هذا اللفظ  )اختطفتني غفوة كما يختطف الجائع لقمةً فرأيت فيما يرى النائم أنني  كرسي - دوا ر- لـ  ................... في دولة متخمة وانّ لي خدماً أوفياء واحدٌ يلمّع جلدي بماء الورد وآخر يشفط  من حولي الغبار بواسطة مكنسة كهربائية ولأنّ الغبار كان كثيفا ًتسلل إلى صدري نمل الاختناق فبتُ علي بعد فرسخٍ من الموت فقفزت فإذا بالدخان يتصاعد عامياً الأبصار وإذا بالسنة النيران تآكل اليابس والرطب وإذا بالزعيق والعويل وصفّارات الإنذار وما شابهها تغرس نبالها في جسد الصمت عرفتٌ حينئذ أنّ انفجاراً رهيبا ًقد حدث وانّ أناس عديدين قد لقوا حتفهم ولا ادري ماذا  فعلت في حياتي الفاحشة حتى انعم بهذه النجاة؟ يا ليتني صرتُ رماداً بدل هذه الحياة الرّاضخة.

في هذه الأثناء تعالي شخير الكرسي العجوز

الكرسي السادس

ما أحوجكم إلى ذاكرة إلى نسب إلى أم إلى مطرقة إلى اشتعال وما أحوجني إلى فم خجلتُ وتضمّخ جسدي  بالندي حن طلب مني أحد الزبائن ذات سكرة أن أضمد جرحاً  في ذاكرته  تلعثمت حروفي وبان عليّ الارتباك فقلتُ في صمتي لصمتي  لو أن لي لساناً تقطنه البلاغة لترقيتهُ  كباقي الزملاء !!  ولا اعتلى صهوتي أحد جهابذة الدولة بدل هؤلاء المتعبون الضائعون المتآمرون علي امرأة  الوقت وبما أنني  كما أنا  في أنا بأنا عاجزٌ عن تضميد جرح بسيط في  ذاكرة مسطول فالأجدر بي  أن انحني  إجلالاً واحتراماً لمنفاي المقدس مقهى - النهر الخالد -  كما تقول اليافطة.  

 في هذه الأثناء تعالي شخير الكرسي المخبر

الكرسي السابع

ما أحوجكم إلى ذاكرة إلى نسب إلى أم إلى مطرقة إلى اشتعال إلى فم وماأحوجني إلى عمرٍ تزهر فيه شجرة الذكري ! ................

في
هذه الأثناء
تعالى شخير
المقاعد الجالسة
فرج ابوشينة
ربيع – 2006





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
كرسي قديم جاه جديد محاه نين تأثيره أغبي
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
اللي ما تردي مات أصحاب الكراسي راحوا  كلهم
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
 
عن مخطوط كتاب : غناوي الكراسي
 
تأليف : فتحي العريبي
 
ينشر قريبا علي صفحات هذه المجلة
 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس العدد الثالث عشر 
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
أرشيف المجلة
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
الصفحة الرئيسية  
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



التعريف بالمجلة
وشروط النشر
علي صفحاتها




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  
ااا 
الناشر : مرسم عش الحمامة  ااا
  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 



^ ^ الانتقال إلي أعلي الصفحة ^ ^