|
(12) تحرير المحبين من الرتابة صوتها بمثابة نعمة من نعم الله علينا في زمن اسودت فيه النوايا وزيفت العواطف وشحت فيه القيم واقتصرت الخيرات علي فئة قليلة ظالمة ، صوتها وحده من دون كل الأصوات ، نعمة استثنائية حررت المحببين من الرتابة والملل لتفتح أمام قلوبهم بساتين العطر والصفاء النبيل ، وعندما نقدم لها الشكر الجزيل علي هذا العطاء الرباني ، يداهمها خجل شفاف وتلوذ ببصرها في الفضاء وتتم بكلمات لا تكاد تسمع وتقول هامسة : أطلب من الله عز وجل أن يظل في عوني ويمنحني المزيد من نعمة الاستحقاق . ففي أغانيها فيض من الحماية والطمأنينة والإيمان والمغفرة وذوبان الحب واكتماله بذاته ، أغاني تتحول إلي حالة مدهشة يعجز التفسير عن فك كلماتها السرية ، وفيروز هنا لا تشرح هذه الحالة بل تقول في منتهى التواضع والصدق : أنا أغني ولا أعرف أكثر من ذلك . في حنجرتها ذهب نادر يتناثر فوق باب الحياة ويشع من القنديل الذي تحمله ، يشع نورا يدق علي باب الشوق ويدخله المنتظرون حيث تستقبلهم الأشجار علي اختلاف ألوانها ، وكل شجرة تفرش بساطها الظليل للجميع عن طيب خاطر . فيروز هي الذاكرة ، ذاكرة الناس وحياتهم حيث لم تعد كائنا حيا فحسب ولا صوتا استثنائيا تعيش في فنها ، وسر ذلك أن وعيها لصوتها ينحصر في العطاء والمستوي والتقدم ، وكلما لمست فيروز محبة الناس لهذا الصوت المائي ازداد قلقها وحرصها وخوفها .
بعد رحيل طيب الذكر ( عاصي الرحباني ) انتقلت فيروز بيسر إلي أشعار وموسيقي ابنها زياد وهي تري أن ذلك
استمرار لعلاقتها السابقة بزوجها عاصي ، وهي تؤكد أن عملها مع أبنها زياد قد
أتاح لها فعلا أن تعيد من جديد تجربة سبق لها أن مرت بها وهي تجربة التجديد
والمغامرة الفنية ، وأكثر ما يستهويها في جنون وسريالية - زياد - هو أنه فنان
يقوم سلوكه الفني علي التحدي الدائم للذات وعدم استقراره في الروتين . |
(13) حكاية الإسوارة
|
|
|
|
|
|
|
|
غلاف الكتاب
|
|
جميع
الحقوق محفوظة ولا يسمح
بنقل أي جزء من نصوص وصور
هذه الصفحات إلا بإذن
كتابي من المؤلف فيما عدا
حالات الاقتباس القصيرة
بغرض النقد أو التحليل
وفقا للقواعد التي تفرضها
الأصول العلمية .
|
|
مواقع أخري جديرة بالتصفح |
|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |