كتاب : دولة النساء ( تأليف – تصميم – وتنفيذ الفنان الليبي : فتحي العريبي ) منشورات مجلة كراسي www.kraassi.com



كتاب
دولة النساء
مبدعات عربيات 
متلبسات بألوان قوس قزح
وأبجدية حروف الضاد
 

 

ااا  غادة السمان  ااا
( لحظة حرية في زمن مغبون )

 


 

جئت لأكتب ، كانت الورقة بيضاء حتى البهاء المطلق للياسمين ، نقية كثلوج لم يطأها عصفور . وقررت أن لا ألوثها وصباح اليوم التالي تلصصت عليها فوجدتها كتبت لي : حمقاء . لوثيني كي أحيا وأحترق ، وأطير إلي العيون وأكون لا أريد أن أصير ورقة عانس .
 

غادة السمان – هذه الكاتبة صاحبة الفعاليات والأبعاد تحب التواصل مع القراء من خلال قنوات عدة ومستويات مختلفة وتكاملها يرفد آثارها الفنية ، فالصحافة بالنسبة لها نافذة علي قلوب الناس وهي تحب باستمرار أن تطل عليهم عبر أعمدتها وتقفز منها إلى عوالم المعرفة ، وغادة ترفض الحياة في المجمع اللغوي وتريد أن تظل طليقة بين الناس تلامس جراحهم بيدها وتنصت إلى مجمع همومهم وقاموس أحلامهم وجسارتهم لتتعلم منهم أبجدية التراث وجوهره وتحس معهم الجذور الحقيقة .
 

حين أموت لا تكتبوا أسمي علي شاهدة قبري ولكن سطروا : هنا ترقد امرأة عشقت ورقة وماتت غرقا .. داخل محبرة .
 

إن الإبداع كما تحلله – غادة – لا يأتي علي متن بواخر تجارية محددة الدروب والمواعيد لكنه عندها يتسلل علي رؤوس أصابعه كالحب والكابوس . و غادة التي تسبح عكس التيار الأدبي غادة المشاكسة ، هذه المرأة التي أطلقتها علينا الحياة من رحم جنونها ، غادة المصقولة البهية الحاضرة والتي هذبتها مآسيها وصنعتها من هواها للبحر وعشقها للحرية امرأة رافضة ثائرة كأعاصير تجتاح كل التقاليد وتحطم كل القيود الضاغطة المتربصة بنا ، قيود تحصي علينا قبلاتنا وهمساتنا ونبض القلب . والسؤال: من منا في لحظة حرية وصدق مع نفسه لم يتدثر بكلمات غادة ويحتمي بها ليبحث عن آهاته وتنهداته وأوجاعه ليتنفس الصعداء بين ضجيج سطورها بعيدا عن زحام الحياة وبريقها الزائف .
 

أقضي ليلي وأنا أكتب إليك رسائل حب ثم أقضي نهاري التالي وأنا أمحو كل كلمة علي حدة فعيناك بوصلتان ذهبيتان تشيران دوما صوب بحار الفراق .
 

وحين – غادة – تجهز علي سجائرها صرعى الواحدة تلو الأخرى في – طبق الرماد – تزحف أناملها الطويلة إلى ما تبقي في علبة سجائري وتقول : المبدع يتعرض لحالة من القمع الرسمي..والآثار الفنية العربية – كتاب – لوحة – لحن – الخ .. لم تسلم من الاضطهاد اضطهاد غير عادل دون أن تترك لهذا الفنان أو ذاك الأديب فرصة الدفاع عن نفسه ، وفي أماكن كثيرة من الوطن الكبير تري معظم الأنظمة في المبدع –  وصافا – لمحاسنها وترفضه إنسانا حرا كما تري غادة أن هذا المبدع يتـنامي ويجد من ( يؤد جله ) ويكرس موهبته كمهرج في بلاط السلطان تحت شعارات - معصرنة – براقة ليبقي هذا الكائن الخلاق مجرد نقش باهت في عصا الخليفة . وصحيح ( تقول غادة ) أن المبدع يستطيع أن ينمو في الظروف كلها كأزهار المستنقعات غير أن هذا المناخ غير الصحي يدفع بعدد من الموهوبين إلى الكف عن العطاء ومغادرة مقبرة الفن هربا من المنامات البشعة .
 

أتمني أن أكون ضوءا في أعماقك ولا أشتهي تبديل تضاريس المصباح وتمنحني تأشيرة دخول إلى دورتك الدموية .
 

الإبداع في جوهره عند – غادة – عملية فردية لكن المبدع جزء من المجتمع والكساد عادة لا يطال جبهة الفن وحدها بل يداهم شتي المجالات والحقول فمناخ ( اللاحرية ) كما تفسره غادة هو : عملية تعقيم جماعية للفكر الإنساني .
 

أبق كما أنت .. عيدا ستسعد بك النساء جميعا بدلا من أن تتعس امرأة واحدة .
 


 

الكتاب مجاز من قبل إدارة المطبوعات في بنغازي
بموجب الرسالة رقم م ط / 896 / 71 / 2003
المؤرخة في 16 / 1 / 2003



ومسجل تحت رقم 5379/ 2003 بدار الكتب الوطنية - بنغازي
المركز البيليوغرافى الوطني
وحدة الإيداع القانوني

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بنقل أي جزء من نصوص وصور وموسيقي هذا الكتاب إلا بموافقة كتابية خاصة ، فيما عدا حالات الاقتباس القصيرة بغرض النقد أو التحليل وفقا للقواعد التي تفرضها الأصول العلمية .


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   فهرس محتويات كتاب : دولة النساء
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
هذه الدولة
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
التعريف بالمؤلف - CV
  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
الصفحة الرئيسية للكتاب
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة كراسي - Home
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
^ ^ الانتقال إلي أعلي الصفحة ^ ^